في زحمة الأصوات التي تدعي أنها أصوات شاعرة يصيبني دائماً الإحباط وأظل طوال الوقت أنتظر صوتاً جديداً له ملامح وحضور وشخصية شاعر .. ودائماً- ومن كثرة ما أحُبطت- لا أتوقع خيراً أو أملاً عندما يريد أحد الشباب - أو حتي الكبار- أن يسمعنى شعره ولكن تلك المرة ومع هذا الشاعر الذي لم يتعد الواحد العشرين من عمره فوجئت بشاعر حقيقي له ملامحه الخاصة وهو في هذا العمر الصغير فما بالنا بعدما تصهره تجربة الحياة .. إنتظروا شاعراً واعداً يثبت أن مصر بخير وستظل .. يسعدنى أن اقدم لكم الشاعر الشاب و الجميل عبدالفتاح فليفل
مدحت العدل
مقالات مختارة
-1-
للزمن طعم خاص في حياة قاطني حارة (الدمنهوري) البسطاء..
يمكنك أن تجد الإبتسامة أينما وليت وجهك،وجوه كالحة شوهها الزمن تخفي معاناة سنين من الحرمان بضحكة من حين لآخر يستغربها من خَبر ما وراء أبوابها المتهتكة.
تسير بين جوانبها المتصدعة على أرض طينية حملت عددا لا يحصى من آثار الأقدام و الشباشب التي تبيعها (أم رامي) في آخر الحارة تحت سقف دكان منزو تظلله شجرة عتيقة هي أكبر سكان الحارة سنًا،أغلب المباني لا تزيد عن طابق واحد يحوي بداخله أسرار بيوت و أحلام أكبر من أن تتحقق..
في هذه الحارة،يسير منير ثابت الخطى تراه أنت رجل أعمال مهما..و يراه أولاد حارته شابا عاطلا لا عمل له سوى إلتقاء خلانه تحت سقف مقهى (المعلم مختار) قصد التسامر و ندب الحظ العاثر الذي حوّل الشهادات العليا إلى ورقة لا قيمة لها،ثم يمتد الحديث إلى آخر أخبار الدوري و مصير نادي الأهلي في مباراته القادمة دون (حسام غالي) و إذا إقتربت من مجلسهم و أصغت السمع لتجد آراءا عميقة يعجز عن إتيانها أمهر المدربين طرا،و تستمر الجلسة اليومية من الصباح حتى تركن الشمس إلى الغروب،حينها ينفض المجلس و ينصرف أغلبهم إلى صلاة المغرب أما الأشقياء منهم و منير من هذه الفئة الأخيرة فيتوجهون إلى مخادعهم باكرا أو إلى (شحته) الذي يبيع البيرة ليلا متجنبا جلب أنظار الحكومة نحوه ثم يقول جملته الخالدة في كل فرصة تسنح له:
-إحنا بناكل عيش يا بيه...هو حد لاقي شغلانة اليومين دول؟
لكن و لكل ذي حق حقه فإن (شحته) لم يكن يوما ليتخلف عن آداء صلاة الجمعة أو العيدين إلا إذا منعه سبب قوي..ينكفأ حينها على الأرضية الأسمنتية طالبا السماح و الغفران من...
إقرا المزيد
شارك برأيك عن الكتاب